تختلف أعراض الخوف من التحدث امام الاخرين من شخص الى اخر، فبينما تتبلل أيدي البعض او يتصبب عرقا حين التحدث امام الاخرين، تكون شفاه البعض الآخر جافة مع رعشة خفيفة في الأطراف. ويكون هذا الخوف أكثر انتشارا في الإناث مقارنة بالذكور وهي حالة شائعة في علم النفس تسمى: رهاب التكلم Glossophobia.
ويعود سبب هذه الاعراض التي تصاحبها إلى ارتفاع نسبة الأدرينالين في الدم. ورغم أن إفراز الأدرينالين في الدم يدفع الشخص إلى اليقظة وإلى الاستعداد لبداية نشاطه الفكري أو العضلي، فإن عدم السيطرة على الارتباك يدفع إلى الأخطاء ونسيان العديد من الأشياء التي يريد الإنسان قولها، وفقا لماء جاء في تقرير نشرته مجلة ألمانية متخصصة .
وتتعدد الأسباب التي تجعل الناس يخافون من التحدث أمام الناس في المجالس الخاصة أو الخوف من إلقاء خطاب أمام الجمهورفي الأماكن العامة، وغالبا ما ترتبط بتضافر عدة عوامل، منها ما هو جيني وبيولوجي وبيئي ونفسي، أبرز هذه الأسباب وأكثرها منطقية تنطوي على أن الخوف من التحدث أمام الجمهور ليس مرتبطا بجودة الكلام أو قوة الحديث بقدر ما يتعلق بكيفية شعور المتحدث عن نفسه وتفكيره وتصرفاته عند التحدث أمام الجمهور، فنحن كبشر مبرمجون لأن نقلق بشأن السمعة، والتحدث أمام جمهور من الناس قد يهددها.
كذلك في بعض الحالات الأخرى النادرة قد يعزز تحدث الشخص أمام أشخاص ذوي مكانة أعلى منه مثل رؤسائه في العمل أو غيرهم إلى زيادة هذا الخوف.
ولحسن الحظ أن الأغلبية الساحقة من حالات الخوف من التحدث أمام الناس والجمهور تكون ذات حِدة بسيطة ومتوسطة وبالتالي يمكن التغلب عليها والتخلص منها دون الحاجة إلى العلاج النفسي أو الأدوية المصاحبة له، حيث يحذر الأطباء من استعمال الأدوية المهدئة لأن الشخص يتعود عليها مع مرور الوقت، فيصبح مدمناً عليها.
كل ما يحتاج إليه الشخص هنا هو الاصرار والتحدي والتحلي بروح المثابرة وتطبيق مجموعة من النصائح والقواعد المهمة التالية التي تساعد على التخلص من الخوف من التحدث امام الاخرين:
نصائح وقواعد مهمة للتغلب على الخوف من التحدث امام الاخرين
اولا: ارفع دقات قلبك قبل الاجتماع
ينصح الأطباء بالحركة النشيطة ورفع دقات القلب، قبل مواجهة أي موقف اجتماعي يعتريك فيه الخوف من التحدث امام الاخرين . بوقت قليل، فالحركة النشطة وتحريك الدورة الدموية يساعد على خفض نسبة الأدرينالين في الدم، وبالتالي التخلص من التوتر والارتباك. وفي حالة عدم القيام بالحركة، سيتطلب الجسم وقتاً كثيراً حتى يخفض بنفسه نسبة الأدرينالين في الدم ويعود الجسم لحالته الطبيعية. وبالنسبة للذين يعانون من الارتباك الشديد ينصح الخبراء بممارسة أنواع رياضية كالقفز المظلي أو إلى الماء، وغيرها من الرياضات التي ترفع نسبة الأدرينالين في الدم.
ثانيا: الاستئناس النفسي بالمكان
يجب ما امكن الوصول الى مكان الحديث بفترة زمنية قليلة قبل الاخرين لامتلاك بعض الوقت للتلاؤم مع المكان و الاستئناس النفسي مع الموقف. ثم البدء بالحديث بشكل تدريجي الى أن تصل الى مرحلة التحكم بالصوت والحركة ، و التفكير بأن الناس الذين ستتحدث اليهم موجودين للاستماع و التواصل معك وليس لاستكشاف عيوبك.
ثالثا: لا تحدق في عيون الاخرين وتنفس بعمق
من أحسن الطرق للتغلب على الخوف من التحدث امام الاخرين بداية الكلام دون التحديق والتطلع الى عيون الاخرين حتى ولو لم تكن لك سابق معرفة بهم ، لأن ذلك سيجعلك تشعر بالراحة والأمان، بالتالي السيطرة التامة على مشاعرك اثناء الحديث.
وقبل الحديث والنقاش لا تنس القيام بتمارين التنفس العميق، فالتنفس العميق سيساعدك على الاسترخاء وعلى أن تكون أكثر هدوءًا وتركيزا وسيطرة على الوضع بشكل كبير. وتكلم بسجيتك كأنك تكلم صديقا ولا تتوتر أو تخف من لحظات الصمت، تلك اللحظات فقط تهيئ لك وكأنها دهر من الزمن لكنها فى الحقيقة ليست سوى ثوانٍ معدودة، لذا استرخ وخُذ نفسا عميقا واستكمل حديثك، بطريقة عادية.
رابعا: لست وحدك
الخوف من التحدث أمام الجمهور هو رهاب اجتماعي شائع، وأحد مظاهر أشكال قلق الأداء التي يشعر معها الشخص بالقلق والخوف من ظهوره مضطربا بشكل واضح عندما يقف أمام الجمهور سواء كان هذا الجمهور قلة صغيرة أو جموعا غفيرة.
هذا الرهاب هو الأكثر شيوعا من بين جميع أنواع الرهاب الأخرى، إذ يُقدّر بعض الخبراء أن ما يصل إلى 75% من السكان في العالم يعانون من هذا الرهاب بمستوياته المختلفة، بداية من التوتر الطفيف الذي يسهل السيطرة عليه حتى مستويات الخوف غير المبررة التي تؤثر بشكل فج على العمل والدراسة والحياة الاجتماعية، والأمر السعيد أن نصفهم يتخلصون من هذا الخوف فقط بتطبيق القواعد والنصائح الواردة بهذا الموضوع وتحدي صعوبة البداية، فكن أنت أيضا ضمن هؤلاء.
خامسا: استحضر الفائدة في عقلك
أن تكون متكلما جيدا قادرا على التحدث أمام الناس والحشود ببراعة له فوائد اجتماعية كثيرة، وهو أحد العوامل الأساسية للنجاح على كافة الأصعدة سواء الدراسية والمهنية منها أو حتى على مستوى الحياة الاجتماعية والشخصية.
فقدرتك على التحدث بفاعلية أمام الناس والجمهور تُمكّنك من ترويج أفكارك ببراعة وإيصالها إلى مستمعيك بوضوح مما يساعدك على التقدم بحياتك المهنية وتنمية أعمالك وتكوين علاقات قوية.
وعلى النقيض تماما، يمكن أن يمنعك الخوف من التحدث أمام الجمهور من المخاطرة بمشاركة أفكارك وآرائك والتحدث عن عملك وتقديم الحلول للمشكلات التي تواجهها، مما يؤثر مباشرة على مقدار نموك الشخصي والمهني.
سادسا: التجارب السيئة لا تتكرر بالضرورة
الخوف من الكلام امام الناس قد يأتي أيضا من تجربة سيئة سابقة. ويعلق الدكتور جيفري ستراون على ذلك قائلا: إن الخوف من التحدث أمام الجمهور قد يكون مرتبطا بتجارب سابقة، فالشخص الذي لديه تجربة سيئة مع التحدث أمام الجمهور قد يخشى تكرار هذه التجربة مرة أخرى عند محاولة التحدث أمام الجمهور.
ويضيف: الناس الذين يخافون من التحدث أمام الجمهور يخشون الشعور بالحرج أو الرفض، لذلك إن طُلب من شخص ما التحدث إلى مجموعة من الناس على الفور دون أي فرصة للتحضير السابق، ولم يمر الحديث بالشكل المطلوب، من المرجح للغاية أن يبدأ هذا الشخص في الخوف من التحدث أمام الجمهور لبقية حياته إن لم يتيقن أن الحياة مفتوحة والتجارب لا تتكرر ولا تتطابق بالضرورة ولكل مرحلة عمرية تجاربها الخاصة، فكن مقتنعا بذلك.
سابعا: نمي حديثك امام الناس تدريجيا
كأي مهارة اجتماعية أخرى، فإن مهارة التحدث امام الناس والجمهور بطلاقة، تأتي بالتجربة والممارسة التدريجية، وهو ما يزيد تعزيز قدراتك على الأداء الجيد وتبرز كفاءتك في التحدث أمام الجمهور، زيادة الكفاءة تدريجيا يؤدي حتميا إلى زيادة الثقة في النفس التي تُعتبر بمنزلة الترياق الفعال لرهاب التحدث أمام الجمهور. مثلا إذا كان حديثك أمام الناس لا يتجاوز ثلاث جمل، اجعله في المرة القادمة خمس جمل، وفي المرة الموالية عشرة جمل، وهكذا تدريجيا حتى تجد نفسك يوما ما قد أصبحت تتحدث طويلا أمام الناس بطلاقة تامة دون ادنى ارتباك أو خوف.
من الجدير بالذكر أن هناك العديد من الدورات والمساقات والمصادر التي قد تساعدك في مسيرتك نحو التخلص من هذا الخوف، أبرزها دورة فن الخطابة والإلقاء المُقدَّم باللغة العربية عبر منصة إدراك ويمكنك الالتحاق به من هنا (مساق فن الخطابة والإلقاء - منصة إدراك ).