السمكة الفيل وتسمى بالإنجليزية freshwater elephantfish، هي سمكة عجيبة وغريبة تثير أعجاب علماء البيولوجيا وفضولهم. هذه السمكة تملك دماغ أكبر من دماغ الانسان، بالعلاقة مع حجم الجسم، كما انها تملك الكثير من التشابه مع الانسان.
كما انها تحب اللعب وعلى استعداد للقيام بمهمات خاصة إذا رأت ان الجائزة الممنوحة مناسبة وتعتبر هذه السمكة أغرب وأذكى سمكة في العالم.
أغرب وأذكى سمكة في العالم
السمكة ذكية جدا ويصعب اصطيادها |
عند الانسان نجد ان الدماغ يشكل 2,2% من وزن الجسم، في تصل العلاقة الى 3% عند السمكة الفيل، و 0,8 عند الجرذان. ولو كان الدماغ عند الانسان بنفس النسبة لكان وزنه 2 كيلوغرام. بذلك يكون دماغ "السمكة الفيل" هو الأكبر في عالم الاحياء، بالمقارنة مع وزن الجسم.
كيف تعيش سمكة الفيل وأين
السمكة تعيش في الأنهار فقط |
هذه السمكة الغريبة والذكية تعيش في انهار افريقيا الوسطى المعكرة. في الليل تصبح طرائد هذه السمكة غير مرئية ولذلك فهي لا تصطاد مستعينة بالرؤية وانما تستغل موجات رادارية -كهربائية لتحديد الطريدة ، تماما مثل الخفاش. السمكة تتلقى موجات الصدى بمعدل مئة مرة في الثانية مما يجعل الدماغ أمام تحدي هائل لمعالجة الموجات القادمة بسرعة مناسبة، وهذا بالذات الذي أدى الى تطور الدماغ. كما ان الدماغ يستهلك 60% من الطاقة المستهلكة وهو امر لامثيل له بين بقية الكائنات.
سمكة الفيل تحب التسلية والترفيه
غالبا تقوم هذه السمكة الغريبة باللعب بالرمل. انها تضع حبات الرمل على خرطومها وتحافظ عليهم ان لا يقعوا وهي تسبح. لا يوجد أي هدف لهذه اللعبة غير التسلية وتمضية الوقت. وهي سمكة مسلية جدا فضلا عما تتميز به من ذكاء وغرابة شكلها.
خصائص غريبة ومذهلة تتميز بها سمكة الفيل
السمكة تملك خرطوم يشبه خرطوم الفيل |
تقوم سمكة الفيل بإرسال الإشارة الكهربائية من مجموعتين عضليتين في الذنب. هذه الإشارات تحدث مئة مرة في الثانية. الإشارات تنتشر حول السمكة مثل الموجات. عندما تصطدم الإشارات بجسم تعود الى مصدرها وتستقبلها مستقبلات خاصة في الجلد.
الأشياء في الماء تعيق الإشارة الكهربائية والمستقبلات توثق الإعاقة وترسل تقرير عنها الى الدماغ. على خلفية هذه التقارير القادمة من المستقبلات تنشأ صورة 3 د في الدماغ للمحيط والاشياء فيه. من خلال التجارب المتحكم بها تمكن الباحثون من التعرف على قدرات هذه السمكة.
بالحاسة الكهربائية تستطيع هذه السمكة الغريبة تحديد حجم الطريدة وشكلها والمادة المكونة منها والبعد اليها. بل وتستطيع ان تعرف اذا كان "الهدف" حي ام ميت. السمكة الفيل التي طولها 20-25 سم تقرأ الصورة القادمة من خلال الجلد ، ولكن على العكس من العيون، لا يستطيع الجلد تحديد المسافة. لذلك انبغى ان السمكة لن تستطيع معرفة الفرق في البعد بين هدف صغير وقريب وهدف كبير وبعيد. ولكن التجربة اثبتت انها تعرف.
السمكة تستغل الصورة المكونة من مجموع 4000 مستقبل كهربائي متوزع على جسمها، لتكوين فكرة عن المسافة الفاصلة بينها وبين الجسم، من خلال تمييز تنوع حدة الصدى المرتد عن الجسم.
تلقي الإشارات الكهربائية وتحديد الشكل والمسافة للهدف بمساعدة الإشارات الكهربائية مسألة منهكة للدماغ. ولا يتوقف التحدي عند ذلك. عالم الظلام الذي تعيش فيه السمكة معقد للغاية ويضيف تحديات أخرى للدماغ في عمله على تخليق الصورة. بيئة الأسماك ممتلئ بجذور الأشجار واغصان وحيوانات وطيور تسعى لصيد السمكة نفسها واشياء أخرى تمشي مع التيار العكر.
التحدي في أن الصدى المتلقي ليس فقط مرتد عن الهدف المطلوب وانما متأثر بكل شيء موجود في طريقه ذهابا وإيابا. ذلك لأن الاجسام في نفس حقل التوتر الكهربائي يقاطبون بعضهم البعض وبالتالي يغيرون الصورة الكهربائية الناتجة في دماغ السمكة. ومع ذلك تتمكن السمكة من قراءة الكود ورؤية بيئتها المعقدة في النهر وبدقة بحيث تتمكن من خلق صورة كهربائية قابلة للاستخدام، وحتى عندما تكون الطريدة صغيرة ومختبئة خلف غصن. ولدهشة العلماء السمكة هي الأفضل في القدرة على تمييز بين الشيئين في الماء العكر.
في الاختبار، عندما وضع الباحثون كرتين بقطر 2 سم في حوض ماء صاف تمكنت الأسماك من التمييز بين الكرتين عندما كانت المسافة بين الكرتين 1,5 مم. وعندما خلق الخبراء بيئة عكرة ومشابهة لما في النهر تمكنت الأسماك من التمييز بين الكرتين حتى من فاصل بينهم مقداره 1مم. بذلك نرى ان دماغ السمكة متلائم افضل للبيئة العكرة في بيئتها الطبيعية.
الفائض بقدرات الدماغ لسمك الفيل يعني ان بالإمكان تدريبهم على القيام بمهمات خاصة، عندما يتم اعطائهم جائزة، مثلا يرقات بعوض، على العكس مما هو الحال لدى بقية أنواع السمك.
تمكن الخبراء من تعليم السمكة السباحة الى جانب اشكال ، من اجل دراسة قدراتهم على التمييز بين الاشكال. في النتيجة نجد ان عند تعليق مكعب، والذي يعني وجود جائزة، نرى السمكة تسبح بوعي الى جانب المكعب في حين تتفادى المثلث والكرة. ولكن ذلك ليس كل شيء.
مكعب كلاسيكي لا يشكل أي تحدي لمقدرات السمكة على خلق الصورة الكهربائية. لذلك قام الباحثون بإزالة اسطح المكعب ليبقى فقط هيكله اي اطره. ومع ذلك سبحت الأسماك مباشرة الى المكعب بدون اية مشاكل. بل وتمكنت الأسماك من التعرف على المكعب حتى بعد إزالة جميع الأطر عدا اطارين متوازيين. ذلك يعني ان دماغ السمكة يملئ الفراغات ويعيد تشكيل ما نقص من الصورة الكهربائية، تماما كما يفعل دماغ الانسان.
خلال عملية مطاردة السمكة لضحيتها تستطيع السمكة تفكيك شفرة الإشارات الكهربائية بدقة كبيرة، بسبب ان العدد الكبير من المستقبلات الشديدة الحساسية المنتشرة على الجلد قادرة على التقاط اضعف الإشارات الصادرة عن الكائنات الحية. في ذات الوقت السمكة قادرة على تمييز الإشارات الكهربائية الصادرة عن اسماك الفيل الأخرى.
من اجل تفادي الالتباس تقوم السمكة بتخزين نسخة عن اشاراتها الخاصة في الدماغ تماثل اهتزازات كل رسالة كهربائية ترسلها، بحيث تستطيع التعرف على صدى توترات رسالتها. بذلك يصبح بالإمكان تصفية الإشارات القادمة من اسماك الفيل الأخرى، ولا تعيق الدماغ في خلق الصورة المطلوبة.
الان يعمل الباحثون على ابداع وسائل تسمح لهم باستخدام مواهب هذا النوع من الأسماك لمساعدة الانسان على تحقيق برامجه، فعلا إنها أغرب سمكة في العالم.