للأسف منذ سنوات طويلة والشائعات تلاحق العديد من الأمراض ومنها مرض الاكتئاب، الأمر الذي يجعل المرضى به يتخبطون بين إشاعة وأخرى. ولكن هذا حال البشرية مند بداية التاريخ حتى اليوم، لأن الجهل هو الاصل في الانسان كما يقول الدكتور إبراهيم البليهي.
وسنوضح في هذا الموضوع أكثر الشائعات انتشارًا حول مرض الاكتئاب، والمعتقدات والمعلومات الخاطئة حوله ومدى صحتها. ونوضح أكثر الحقائق الغائبة عن الكثيرين من الناس حول هذا المرض النفسي المؤلم، الذي يُعتبر ثاني أكثر الأمراض انتشارا في العالم حسب منظمة الصحة العالمية بعد أمراض القلب والشرايين، حيت تقدر منظمة الصحة العالمية عدد المصابين بالاكتئاب في العالم بقرابة 300 مليون شخص.
للأسف يوجد الكثير من الشائعات المنتشرة اليوم حول مرض الاكتئاب والتي تساهم في زيادة معاناة مرضى الاكتئاب، وتجعل المريض به يتخبط بين شائعة وأخرى ليتأخر عن زيارة الطبيب النفسي وبعدها يتفاقم وضعه ليصبح عبئًا ليس على من حوله فقط بل على نفسه أيضًا. اليك في ما يلي 5 شائعات منتشرة حول مرض الاكتئاب ، وقبل ذلك نلقي أولا لمحة سريعة وما هو مرض الاكتئاب.
ما هو الاكتئاب
 |
| الاكتئاب مرض يصيب النساء والرجال من جميع الاعمار |
الاكتئاب هو مرض نفسي يسمى بالإنجليزية Depression، يعاني فيه المريض من الشعور المستمر بالحزن والمشاعر السلبية والعصبية وسرعة الغضب والشعور بالذنب والتعب واضطراب النوم والشهية، والرغبة في البكاء بدون سبب والعزلة والعجز ونقص الطاقة والألم بدون سبب، وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي يستمتع بها الشخص عادةً في حياته من قبل.
ويسمى الاكتئاب أيضًا اضطراب اكتئابي رئيسي أو اكتئاب سريري، ويمكن أن يؤثر على أفكار الشخص وسلوكه ودوافعه، وهو مرض شديد ومؤلم ويعيق الحياة الاجتماعية والمهنية للمريض، وقد يجعل المريض في اخر مراحله يفكر في الانتحار إذا ظل دون علاج.
العمر الأكثر شيوعًا للإصابة بالاكتئاب هو ما بين العشرينات والثلاثينيات من العمر، وهذا لا يعني أن الاعمار الاخرى لا تصاب بالاكتئاب، بل جميع الفئات العمرية يمكن ان تصاب بالاكتئاب حتى الاطفال والمراهقين والشيوخ، وتكون إصابة الإناث بحوالي ضعف عدد الذكور.
وحسب الاحصائيات العلمية قد أثر الاضطراب الاكتئابي الكبير على ما يقرب من 163 مليون شخص (2٪ من سكان العالم) في عام 2017. وتتراوح نسبة الأشخاص المصابين بالاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم من 7٪ في اليابان إلى 21٪ في فرنسا. معدلات الإصابة في العالم المتقدم (15٪) وهي أعلى مقارنة بالعالم النامي (11٪). يُعد هذا الاضطراب ثاني أكثر أسباب إعاقة للحياة الطبيعية ، بعد آلام أسفل الظهر .
5 شائعات منتشرة حول مرض الاكتئاب
 |
| مرض الاكتئاب الشديد لا يزول إلا بالعلاج الطبي |
الشائعة الأولى : "الاكتئاب سببه ضعف الايمان"!
من أكثر الشائعات انتشارًا هي أن الاكتئاب مرض ينشأ من ضعف الايمان و البعد عن الله وأنه يدل على نقص الوازع الديني لدى المريض وهذا غير صحيح.
وهذه من أسوأ من الشائعات والاتهامات التي قد تؤذي المريض بل وتزيد من حدة شعوره بالذنب ليعتقد بأنه مذنب وهذا عقابه، لنطمئن المريض بأنه أثبتت الدراسات أنه لا علاقة بين حالة الشخص الروحية والدينية وبين إصابته بهذا المرض.
الشائعة الثانية: "الاكتئاب يمكن ان يزول بإرادة المريض"!
هناك إشاعة أخرى تقول بأن مرض الاكتئاب يزول بإرادة المريض او بمجرد تغيير المريض لأفكاره ولنظامه الغذائي وممارسة الرياضة وتغيير العادات الاجتماعية كالخروج من المنزل والتحدث مع الأشخاص وزيارة الأماكن التي تحبها، لكن هذا غير صحيح في كل الأحوال، قد تساعد هذه الأمور في بعض الأحيان من يعانون من الاكتئاب الخفيف في بدايته او العابر وهي ضرورية للحياة الصحية، ولكن الاكتئاب الشديد لا يزول بمجرد التغيير في العادات أو النظام بل لا بُدّ من علاج دوائي تحث اشراف الطبيب.
الشائعة الثالثة: "الاكتئاب يمكن علاجه بالصلاة والدعاء فقط"!
الإشاعة الثالثة تزعم بأن مرض الاكتئاب يمكن علاجه بالصلاة والتقرب الى الله فقط ، والحقيقة أن مرض الاكتئاب مثل أي مرض عضوي قابل للعلاج ولكن لا بُدّ من تدخل طبي، وهو من الأمراض التي تستدعي فترة علاج طويلة جِدًّا تصل الى عدة شهور، ويجب على المريض الالتزام بتعليمات الطبيب وعدم التأخر بالاستشارة عند حدوث أي طارئ على حالته؛ ليستطيع السيطرة على هذا المرض ومعاودة مزاولة الحياة بشكل طبيعي.
الشائعة الرابعة: "مضادات الاكتئاب تسبب الإدمان" !
هناك شائعة أخرى منتشرة بكثر لدى الناس، وهي أن مضادات الاكتئاب تسبب الإدمان، وهذا غير صحيح، والمؤكد طبيا أن مضادات الاكتئاب لا تسبب الإدمان ويمكن للمريض التوقف عنها تدريجيا تحث اشراف الطبيب بدون أي أثار انسحاب.
الشائعة الخامسة : "يمكن علاج مرض الاكتئاب بالأعشاب" !
هناك شائعة أخرى منتشرة تزعم انه يمكن علاج مرض الاكتئاب ببعض الأعشاب والوصفات التقليدية، مرض الاكتئاب لا يمكن علاجه حتى الأن إلا تحث اشراف الطبيب المختص وبواسطة التقنيات والطرق المعتمدة علميا والتي تختلف حسب نوعية وشدة المرض، مثل العلاج المعرفي السلوكي و مضادات الاكتئاب والعلاج بالصدمات الكهربائية، بالإضافة لتوجيهات ونصائح الطبيب المعالج.
أنواع الإكتئاب
علينا التوضيح هنا إلى أن هناك أنواع كثيرة من الاكتئاب، وهذه أهمها:
- الاكتئاب الخفيف
- الاكتئاب المتوسط
- الاكتئاب الشديد
- الاكتئاب ثنائي القطب
- الاكتئاب المزمن
- اكتئاب ما بعد الولادة
- الاكتئاب الموسمي
وكل نوع له أسبابه وأعراضه وطريقة علاجه المختلفة، فالاكتئاب الموسمي مثلا هو نوع من أنواع الاكتئاب الشائع جدا ويتعلق بتغييرات البيئة ويزداد في فترة الشتاء وقد يكون علاجه أبسط في الواقع، فالمريض هنا يحتاج إلى التعرض للشمس والمشي ومزاولة بعض التمارين الرياضية واستشارة الطبيب أيضًا. شاهد أيضا: كيف تعالج ابنك من الاكتئاب.
أسباب الاكتئاب
إن أسباب هذا المرض تظل غامضة حتى الآن، وأصل الاكتئاب أنه مرض متعدد العوامل والأسباب ، لكن أوضحت الدراسات بأن هناك تغييرات فيزيائية في دماغ المرضى وهذا السبب الواضح والذي تتم معالجته بالأدوية والجرعات اللازمة، أيضًا قد ينتقل بالوراثة ولم يكتشف الخبراء حتى الآن الجينات ذات العلاقة بهذا المرض.
قد ينشأ الاكتئاب أيضًا بعد حدوث أحداث مأساوية في حياة الشخص كفقد لعزيز أو التعرض لحادث أليم إن من يصابون بهذا المرض أعداد هائلة من البشر البعض منهم يعي إصابته به ويذهب للطبيب ويأخذ العلاج المناسب ويتحسن حاله.
أما البعض الآخر قد لا يعرف بأنه مصاب أو قد ينكرها خوفًا من نظرة المجتمع ويعيش في جحيم؛ لذلك المسؤولية تقع على عاتق الجميع بتشجيع من يعرفون من مصابي الاكتئاب بالذهاب إلى الطبيب ومساعدتهم على الالتزام بالعلاج ليستطيعوا العيش بمتعة وحرية وعقل سليم، فهي أبسط حقوق الفرد.
كيف يتم علاج الاكتئاب
تشمل علاجات مرض الاكتئاب العلاج النفسي بالجلسات النفسية، التي تسمى العلاج المعرفي السلوكي Cognitive behavioral therapy (CBT)، وبالأدوية الخاصة التي تسمى مضادات الاكتئاب، وفي الحالة الشديدة التي لا تنفع معها العلاجات الأخرى يُستخدم العلاج التحفيزي للدماغ ، وكذلك العلاج بالصدمات الكهربائية Electroconvulsive therapy (ECT)، الذي يعتبر علاجا فعلًا وسريعًا للاكتئاب الشديد.
كيفية تشخيص الاكتئاب
يعتمد تشخيص الاضطراب الاكتئابي الرئيسي من طرف الطبيب المختص اعتمادا على الاعرض والخبرات المُبلغ عنها للشخص المريض وفحص الحالة النفسية والعقلية . لا يوجد اختبار معملي موحد للاضطراب ، ولكن يمكن إجراء الاختبارات لاستبعاد الحالات الجسدية التي يمكن أن تسبب أعراضًا مشابهة. ويتميز الاكتئاب باسمرار أعراضه اكثر من أسبوعين على الأقل عن الحالات المزاجية السيئة السائدة .