البادي أظلم عبارة مشهورة يرددها الكثير من الناس، حينما يضطرون للدفاع عن أنفسهم وعن كرامتهم من ظلم لحقهم. (فَوَيْلٌ لِلَّذِينِ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَليمٍ - قرآن كريم).
وتقال عبارة البادي أظلم في الغالب عندما يتم رد عن الظلم في وجه من كان سباقًّا الى الظلم، وتعني العبارة حسب القاموس العربي: "الشَّرُّ بِالشَّرِّ والبادِئُ أَظْلَمُ، أي أن الظَّالِمُ هو مَنْ ظَلَمَ في أَوَّلِ الأَمْرِ"، وفي ما يلي نعرض لك قصة البادي أظلم كما وردت في التراث العربي:
قصة البادي أظلم
يحكى أنه وقعت قصة البادي أظلم في زمن الخلافة العباسية، حينما ذهبت امرأتان للقاضي ابن أبي ليلي، وهو قاض كبير في زمن المنصور، تختصمان في أمر ما، فلما دخلا عليه، سألهما عن قضيتهما، فقالت إحداهما: أيها القاضي، هذه المرأة التي معي، إنها عمتي، وأناديها يا أمي فهي من ربتني بعد أن مات أبي، وكان لي ابن عم تقدم لخطبتي، وبعد أن زوجتني له، ورأت من خلقه وحسن معاملته لي الكثير، أرادت أن تزوجه ابنتها.
فبعد ثلاث سنوات فقط من زواجي به، عرضت عليه أن تزوجه ابنتها، ولكن بشرط أن يوكلها في أمري وقد فعل، فبعد أن تم الزواج، جاءت إلي وقالت: لقد تزوج زوجك ابنتي ووكلني في أمرك وأنت طالق!.
وهكذا أيها القاضي أصبحتُ مطلقة بين عشية وضحاها، بعد أن كنت أحيا في سعادة وسلام.
فلما عاد زوج عمتي وكان رجلًا كثيرًا الغياب، ورأى أنني قد كبرت وتزوجت وطلقت، عرضت عليه الزواج مني، فوافق، ولكني اشترطت عليه أن يوكلني في أمر عمتي، وقد فعل، فبعد أن تم الزواج، أخبرت عمتي أني تزوجت زوجها، ووكلت في أمرها وهي طالق.
فوقف القاضي مذهولًا من كيد المرأتان، فقالت العمة: أجلس يا شيخ، فالقصة لم تبدأ بعد، فأكملت الابنة قصتها قائلة: لقد عشت مع طليق عمتي فترة فلما مات آل إلي إرثه، فنازعتني عمتي على إرث زوجي، وهي لا تقرب له بصلة، فقد طلقتها منه.
ولما اختصمنا جلس زوجي الأول وزوج ابنتها ليحكما بيننا، فلما وقع بصره على وجهي حن إلى ما كان بيننا، فعرضت عليه الزواج والعودة إلى ما كان ولكن شريطة أن يوكلني في أمر زوجته، فلما تم الزواج ذهبت إليها، وأخبرتها أني عدت إلى زوجي وقد وكلني في أمرها وهي طالق.
وهنا لم يملك القاضي نفسه مما فعلته تلك المرأة ردًا على ما حل به من عمتها وابنتها، وتعجب من عظمة كيدها، وقال لهما أنا لا أدري أين القضية ؟ فقالت العمة: أليس من الحرام أن تأخذ هي زوجي وزوج ابنتي وميراثنا، ونحن لا نأخذ شيئًا.
فقال القاضي: أنا لا أرى في الأمر حرامًا، امرأة تزوجت ومات زوجها، فردت إلى زوجها ووكلها في أمر زواجه، وهذا ليس من الحرام، وبعد ذلك ذهب القاضي ابن ابي ليلي إلى الخليفة المنصور وقص عليه قصة المرأتان.
فضحك المنصور حتى دبدب بقدميه على الأرض من فرط الضحك على ما فعلته المرأتان ببعضهما، وقال: البادئ أظلم، ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها، وهذه العمة لم تقع في حفرة بل وقعت في البحر، وأخذ يضحك على دهاء الزوجة وتدابير القدر.
مثل عربي عن الظلم
الشر بالشر والبادئ أظلم هو مثل عربي عن الظلم، وهناك مثل عربي أخر عن الظلم والظالمين وهو المثل العربي القديم: "أظلم من أفعى" وهو وصف للظالم المبالغ في الظلم، فهو كالأفعى التي تأتي جحرَ الضبّ فتأكل ولدَها وتسكن جحرَها في نفس القوت. وهناك أمثال عربية كثير عن الظلم ستفرد لها موضوع خاص.
ملاحظة
لقد تعمدنا كتابة العبارة بالياء هكذا "البادي أظلم" في العنوان وهو خطأ إملائي فعلا، وليس بالهمزة البادئ وهو الصواب طبعا. وذلك ببساطة لأن الشائع في كتابتها من طرف الناس الذين يبحثون عنها على الأنترنت وهو بالياء.
اقرأ أيضا: قصة ومعنى المثل كل إناء بما فيه ينضح