هل انت مستعد لتغيير حياتك نحو الأفضل |
كلنا نواجه بعض المشكلات في حياتنا، فكر في هذا، ما هي مشكلاتك في الحياة؟ تلك الظلال الشنيعة القائمة التي تفسد الآن عليك دفء وسعادة حياتك التي يمكن أن تكون هانئة من غيرها؟
هل تكره عملك؟ هل أنت في علاقة عاطفية فاشلة؟ أم إنك تعاني مشكلة صحية؟ حسنا، فتش عن وظيفة جديدة. ضع نهاية لتلك العلاقة. غيّر نظامك الغذائي ومارس التمرينات الرياضية، أو ابحث عن المساعدة الطبية المناسبة لك. يبدو الأمر بسيطا، أليس كذلك؟
وحتى في تلك الأمور التي يبدو لك أنك غير مستعد وغير قادر على التحكم فيها، أمور من قبيل موت شخص تحبّه، أو فشل مشروع أقمته، فإن لك أن تقرّر كل شيء في ما يتصل بطريقة عيشك حياتك في أعقاب تلك الحوادث كلها.
إذا كنت غير مستعد للقيام بالأفعال اللازمة من أجل تغيير وضعك - بكلمات أخرى، إذا كنت مستعدا للاستمرار في تحمّل وضعك - فهذا يعني أن تلك هي الحياة التي لديك، أعجبك هذا أم لم يعجبك.
قبل أن تقول في نفسك: « ولكن...»، أو قبل أن تبدأ الإحساس بالانزعاج والضيق، دعني أقول لك
شيئًا إضافيا واحدا من خلال دفاعك عن ظروفك كما هي الآن، فإنك تبرهن - في حقيقة الأمر- على أنك تستحق أن تكون حيث أنت. إذا، في هذه الحالة... ما عليك إلا أن تستسلم!
لا مكان هنا لقول: «ولكن...».. فأنت غير قادر على تحمّل تكلفة قولها إنها أشبه بأمتعة زائدة في رحلة تتطلب منك أن تسافر خفيفًا.
لا تصنع الظروف الإنسان؛ فهي لا تفعل شيئًا غير كشفه أمام نفسه.الفيلسوف الروماني إبكتيتوس
كيف تحل مشكلاتك في الحياة؟
تماما مثلما يقول إبكتيتوس، فإن المقياس الحقيقي لمن هو أنت لا يمكن العثور عليه في ظروفك، بل في طريقة استجابتك لتلك الظروف. ولبدء هذه العملية الجديدة، عليك أولا أن تقوم بإيقاف عملية أخرى.
- كف عن لوم الحظ.
- كُفَّ عن لوم الآخرين.
- كُفَّ عن التذرع بالظروف أو المؤثرات الخارجية.
- كُفَّ عن لوم طفولتك أو الحي الذي تعيش فيه.
إن هذه الطريقة في تناول الأمر أساسية بالنسبة إلى كل ما أتحدّث عنه في هذه الصفحات. لا يمكنك أن تركن في حياتك إلى أي نوع من أنواع «لعبة اللوم».
أكرر مرة أخرى: لا يمكنك فعل ذلك بل إن لوم نفسك أمرٌ غير مفيد أيضًا... غير مفيد على الإطلاق. بطبيعة الحال، سوف تواجه حالات لا سلطة لك عليها في ظاهر الأمر. بل إن من الممكن أيضًا أن تواجه ظروفًا مأساوية، كالإصابة بالعجز، أو بمرض خطير، أو كموت شخص تحبه.
لكن هناك على الدوام شيئًا تستطيع فعله للتأثير في هذه الظروف حتى إن كانت موجودة لديك منذ سنين، وحتى إن كنت لا تزال غير قادر على العثور على مخرج منها. إلا أن عليك قبل كل شيء أن تكون مستعدا لفعل هذا الشيء. فحتى تتبنى أية مقاربة تبنّيا كاملًا، يترتب عليك أولا أن تقبل حقيقة أنه على الرغم من وجود أشياء حدثت في حياتك ولم تكن قادرا على فعل شيء إزاءها، فإنك مسؤول مسؤولية تامة مئة بالمئة عما تفعله بحياتك بعد وقوع تلك الحوادث.
دائما، وفي كل مرة: لا حجج ولا ذرائع ولا أعذار يُعرف القاموس كلمة الاستعداد بأنها: أن يكون المرء متأهبا الجهوزية». بكلمات أخرى، يمكن القول إن الاستعداد هو الحالة التي نكون فيها قادرين على الانخراط في الحياة وعلى رؤية الوضع من منظور مختلف. يبدأ الأمر بك، وينتهي بك أيضا.
لا يستطيع أحد أن يجعلك مستعدًا، ولا تستطيع التحرك إلى الأمام حتى تكون مستعدًا فعلا للقيام بالخطوة اللاحقة. وعندما تصير مستعدا في آخر المطاف تصير قادرًا حرفيًا على عيش ذلك الاستعداد، وتشعر بتلك الحرية الداخلية التي تسري في شرايينك. وبالمثل، عندما لا تكون مستعدا، ستشعر بذلك حصر النوع من «العجز» الأصيل الذي يوقفُك ويُطبق عليك كأنه ثقل خفي جاثم على صدرك.
صدقني عندما أقول لك إنني أسمع ما تقوله في نفسك: «أنا مستعد، ولكن...». أنت تحوّل نفسك إلى ضحية كلّما أضفت كلمة « ولكن» في آخر جملتك. لقد سمعت قصصًا عن عدد لا له ، من ظروف الحياة المعقدة خلال سنوات عملي الطويلة مُشرفًا ومرشدا... من الماضي التعيس المظلم، إلى فداحة ثقل الزمن الحاضر إلى الخوف الشديد من المستقبل... وقد سمعت تلك القصص مرات ومرات كثيرة جدًا. عليك أن تسمع ما أقوله لك بالطريقة التي أريد أن تسمعه بها.
فأنا لا أقول هذه الأشياء حتى أثير غضبك (حسنًا... ربما أثير غضبك بالفعل)، بل حتى أجعل نار مقدراتك تشتعل في داخلك حتى أجعلك تدرك مقدار عظمتك. لست أقول هذا حتى أزعجك! تأمّل المسألة بنفسك، وتخيَّل - لحظة واحدة أن الاستعداد غائب عن حياتك.
لا أعني ذلك الاستعداد الهزيل الخائف، بل الاستعداد الجريء... حالة الاستعداد التي تعجلك جاهزا لما سيأتي متأهبا للفعل الاستعداد للتغيير الاستعداد للقبول الاستعداد للتخلي. إنه استعداد ملهم، استعداد سحري وحقيقي.
أنظر أيضا: من أسرار النجاح .. تحدي صعوبة البداية
البحث الجريء عن الحل
تسدّد الأقدار خطى المستعدين، وتجرُّ المترددين جرّا من خلفها.الفيلسوف لوكيوس سينيكا
إما أن تتحكم بمصيرك، أو أن يتحكم مصيرك بك. لن تتوقف الحياة لتنتظرك عندما تتوقف قليلًا، أو حتى عندما تتمهل. لن تتوقف الحياة لأنك مرتبك أو لأنك خائف. سوف تستمر ماضية في طريقها، من غيرك. وسوف يستمرّ العرض سواء لعبت فيه دورًا فاعلا أو لم تلعب فيه أي دور، ولهذا تكون أول صيغة من صيغ التوكيد الذاتي التي أعلمها لمن يأتيني طالبا معونتي: «أنا مستعد».
قبل أن تصير قادرًا على قول هذا بصدق، عليك أولا أن تطرح على نفسك سؤالا. السؤال هو: «هل أنا مستعد؟».
هذا سؤال يتطلب إجابة. لا تستطيع تركه هناك، في فراغ الكون. هل أنا مستعد؟ إنه سؤال يدفعك إلى الإجابة عنه. هل أنا مستعد ؟ إن له قوة لا تُقاوم... أنا لا أستطيع التهرب من إلحاحه على قول الحقيقة.
هل أنت مستعد؟
- هل أنت مستعد للذهاب إلى النادي الرياضي لأنقاص وزنك؟
- هل أنت مستعد للعمل على ذلك المشروع الذي أرجأته حتى الآن؟
- هل أنت مستعد لمواجهة مخاوفك الاجتماعية ؟
- هل أنت مستعد للمطالبة بزيادة الراتب، أو لترك تلك الوظيفة البائسة ؟
«لن تتوقف الحياة لتنتظرك عندما تتوقف قليلا، أو حتى عندما تتمهل. لن تتوقف الحياة لأنك مرتبك أو خائف. سوف تستمر ماضية في طريقها، من غيرك».
باختصار، هل أنت مستعد للكف عن عيش الحياة التي لديك الآن، ولبدء عيش الحياة التي أنت راغب فيها؟
يبدأ الأمر كله بظهور ذلك الاستعداد النفسي القوي، تلك الحالة السائلة التي لا تتوقف عن التمدد والتقلص حيث تندفع الحياة أو تتراجع وهو كله موجود في داخلك لا ينتظر غير تلك النقلة الفارقة.
كثيرا ما ننظر إلى أنفسنا باعتبارنا، مماطلين أو كسالى أو مفتقرين إلى حافز يدفعنا لكننا ببساطة غير مستعدين إننا نرجئ الأشياء، أو نتجنبها تجنبا تاما، لأننا نقول لأنفسنا إننا غير راغبين في فعلها، أو إننا غير قادرين على فعلها.
بدلا من اعتبار هذا السلوك خللا في طبيعتنا الشخصية علينا أن نوجد إحساسًا بالاستعداد حيث من الواضح أنه غير موجود الآن. وإن شئت يمكنك تسمية هذا «شرارة القدرة». أنت مولد ضخم لهذه الحالة من الانفتاح والقدرة. في وقت من أوقات حياتك، كان الوصول إلى هذه الحالة سهلًا نتيجة حماسة الشباب، أو نتيجة الفضول وحب المعرفة في الطفولة وبطريقة ما، على مر السنين نفقد تماسنا مع هذه الحالة السحرية.
لقد قال الفيلسوف، عالم السياسة الشهير نيقولا ماكيافيلي:
حيث يكون الاستعداد عظيما، لا يمكن أن تكون الصعوبات عظيمة.
فكر في هذا لحظة واحدة، لا أهمية لما تواجهه في حياتك ولا أهمية للعقبات التي تحاول تذليلها. إن كنت مستعدا لتوليد تلك الحالة من الاستعداد، فإن تلك هي البوابة المفضية إلى بذل الجهد، واتخاذ الخطوات، والتعامل مع النكسات، وفي النهاية خلق التقدم والتغيير في حياتك على النحو الذي تنشده.
هذا ما يجعل تلك العبارة البسيطة . «أنا مستعد» . شديدة العمق. تصير منتعشا، ممتلئا طاقة، بفعل الوعد الذي تحمله هذه العبارة ... تصير خاضعا لجاذبيتها.
أسألك مرة أخرى: هل أنت مستعد ؟
عندما تكون الأبواب مغلقة. لعلك، في واقع الأمر، غير مستعد في حالات كثيرة، تكون هذه هي الإجابة الأفضل التي تستطيع تقديمها.
وهناك حالات يكون فيها إعلانك عن عدم الاستعداد فعلا لا يقل قوة عن إعلانك أنك مستعد.
- هل أنت مستعد للعيش في جسد غير معافى؟ لا.
- هل أنت مستعد لمواصلة العيش من موعد استلام راتبك الشهري إلى موعد استلام راتبك الشهري التالي ؟ لا.
- هل أنت مستعد لتحمّل علاقات عاطفية غير مجدية وغير قابلة للاستمرار؟ لا.
لماذا أنت غير مستعد؟
إن عدم الاستعداد يوقد العزم والتصميم. إنه يتيح سبيلا إلى اعتمادك أسلوبًا قويًا في التعامل مع وضعك. عندما تكون غير مستعد، فإن هذا يمثل غالبًا «خطًا في الرمل» يشير إلى الحد الذي لا تظل عنده مستعدا للرجوع إلى الخلف.
فقط عندما تكون غير مستعد لمواصلة الاكتفاء بالوجود فحسب ولمواصلة الإحساس بعدم الرضا وعدم الإشباع تصير قادرًا على بذل الجهد الضروري لإحداث التغيير. فقط عندما تكون غير مستعد لتحمل أي مزيد من ذلك «الكلام الفارغ»، تصير قادرًا على الإمساك بالمعول وعلى بدء الحفر أحيانًا، لا يكون هناك حافز على التغيير أشدّ قوة من عدم الاستعداد لفعل «هذا الأمر» بعد الآن.
فأيهما هو المسيطر في حياتك الآن ؟ أنا مستعد أم أنا غير مستعد؟
هل ترى الآن كيف أن كونك غير مستعد يمكن أن يكون في مثل قوة كونك مستعدا ؟
بحسب الظروف المختلفة، يمكن للبعض منا أن يشعر بمزيد من القوة والتمكين من خلال التأكيد على القول «أنا مستعد»، في حين قد يجد البعض الآخر أن قول «أنا غير مستعد» يمنحهم قوة وتصميما. ومن الممكن أن تجد كلا من القولين قادرًا على منحك الحافز المطلوب، وذلك بحسب الحالة المعنية.
وسواء كنت من ضمن هذه الفئة أو تلك، فأنت قادر أيضًا على إعادة صياغة طريقة تعاملك مع مشكلاتك، وليس فقط على الانتقال من واحد من هذين التوكيدين الشخصيين إلى التوكيد الآخر.
فلنأخذ مثالا على هذا هل أنت مستعد للعثور على وظيفة جديدة؟ أجل. أنا مستعد. هل أنت مستعد للبقاء في هذه الوظيفة التي لا تحتها؟ لا، أنا غير مستعد.
من الممكن لكل من هذين التوكيدين أن يكون فعالاً. أنت من يقرّر صيغة التأكيد التي تناسب شخصك ووضعك. أنت من يقرّر أي الصيغتين تحقق المطلوب» بالنسبة لك.
قوة الغاية
هناك طريقة أخرى يستطيع عدم استعدادك من خلالها أن يحرّرك من عجلة الهامستر الدوارة لأن ما من أهمية - أحيانًا للسؤال الذي تطرحه على نفسك، أو لعدد المرات التي تكرر فيها ذلك السؤال.
فأنت تجد نفسك غير قادر على المحافظة على ذلك الاستعداد فترة كافية لتغيير أي شيء. ومن الممكن أن تكون واحدا من أولئك الذين يحققون بدايات عظيمة لكنهم لا يستطيعون المتابعة بعد ذلك.
ففي نهاية الأمر قد يكون عليك مواجهة الحقيقة الباردة، حقيقة أنك كنت طيلة الوقت مستعدًا جدًا لأن تبقى على حالك. لقد كنت غير مستعد لإحداث تغيير أساسي في حياتك وللتخلّص إلى الأبد من ذلك الثقل الجاثم على صدرك.
ففي مكان ما، في داخلك، أنت راض بأن تواصل العيش على هذا النحو ما أعنيه هنا أن الأمر لا بد أن يكون كذلك، وإلا لما بقيت من غير تحقيق أي تغيير حتى الآن لا بد أن لديك، على مستوى من المستويات، قدر من القبول بتحمل أن تكون حياتك هكذا.
الحقيقة أن هذا أيضا أمر لا بأس فيه. فأن تكون صادقًا مع نفسك، وتقول إنك اتخذت قرارا بالبقاء حيث أنت الآن فعل قد لا يقل قوة عن اتخاذ قرار التغيير والانتقال إلى وضع آخر.
لماذا؟
أحيانًا، يكون هذا لأن إقرارك بأنك مستعد لوضع نفسك في مكان لا تجد نفسك سعيدا فيه كثيرًا ما يوفّر قوة الدفع اللازمة لفتح ثغرة من أجل تغيير حقيقى دائم. ينبغي فعل هذا من غير أن تلوم نفسك، ومن غير أن تعتبر نفسك ضحية لحظة من لحظات الضعف» أو ضحية نوع من أنواع «الخلل» في الشخصية.
ففي تلك اللحظة، تكون مدركا أنك وضعت نفسك في ذلك المكان الذي لا يعجبك لكن عن قصد ومعرفة، وبطريقة منهجية - هل تعرف معنى هذا؟ معنى هذا أنك قادر عن قصد ومعرفة، وبطريقة منهجية على إخراج نفسك من ذلك المكان.
وهذا أيضًا أساس الإقرار لنفسك بفضيلة القبول والاعتراف بما قد كان وخلق الجرأة في نفسك من أجل محاولة الوصول إلى مستقبل يفوق الخيال.
«الحكيم هو من لا يحزن على أمور لا يمتلكها، بل يستمتع بما هو بين يديه».يكتينوس
من خلال التصريح بعدم استعدادك للتغيير، ومواجهتك هذا الأمر، تكون قادرًا على تقييم نفسك وحياتك، وعلى بدء خلق شعاع من ضوء يسمح لك على الأقل بأن تبدأ. والسر في هذا الأمر هو أنك تفصل المهمة (أو) الشيء الذي تتعامل معه عن دراما الماضي، فتجد نفسك أكثر انفتاحًا على التعاطي مع تلك المهمة. تصير قادرًا على تجاوز الدوامة الانفعالية والمضي مباشرة إلى قلب المسألة نفسها.
الطموح الكبير والتركيز على الهدف
الطموح والتركيز على الهدف |
يمكن القول ببساطة إن هناك أهدافًا لا صلة لها بواقعنا. لا تخطئ فهمي هنا، فأنا مؤيد للطموح الذي يبلغ النجوم ولاستهداف أشياء تبدو مستحيلة التحقيق. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن تكون لدينا جميعًا رغبة في الثراء الفاحش لكن هل أنت مستعد لكي تجني ذلك المال كله؟
- هل أنت مستعد للعمل ستين أو سبعين ساعة كل أسبوع أو للتخلّي عن العطلات، حتى تتمكن
- من إنجاز العمل الذي يتعيّن إنجازه؟
- هل أنت مستعد لأن تحمل مزيدا من المسؤولية ولأن هذا أكثر أهمية تغامر بكل شيء؟
- وهل واجهت في الواقع وتعاملت مع ما يفرضه عليك وصولك إلى أن تكون شخصا فاحش الثراء؟
- هل تعرف معنى الاستنفاد المستمر من غير نهاية لكل ما في حياتك وعقلك؟
لقد أنتج مجتمعنا هذا النوع من الاندفاع المتهوّر إلى أن يكون المرء الأغنى، أو الأذكى، أو الأجمل، أو الأحسن ملبسا، أو الأكثر ظرفًا، أو الأكثر قوة... وفي مكان ما على الطريق، فقدنا قدرتنا على أن نكون أنفسنا فحسب، على أن نكون أحرارًا في تنفّس الحياة واختيار الدرب الخاص بنا بدلًا من حمل عبء ما يتوقعه منا مجتمعنا أو عائلتنا فما الذي يؤدي إليه هذا كله ؟
حسنًا... إنه ينتج قدرًا كبيرًا من البشر المصابين بحالة من الإحباط وعدم الإشباع هذا أمر مؤكد هذا أن عليك أن تكف عن السعي إلى أهداف رائعة في حياتك إن كان هذا ما تريده حقًا.
وهو لا يعني أيضًا أن عليك أن تترك نفسك في مكانك من غير أن تقوم بأية محاولة للتطوّر. ما من شيء
خاطئ في أن يعمل المرء ساعات طويلة أو في أن يضحي بمستوى حياته؛ فقد يكون هناك من يرضون رضا تاما بفعل ذلك حتى يحققوا دخلًا كبيرًا، أو حتى يحصلوا على ترقيات في أعمالهم.
لكن هناك كثيرين جدا ممن ينسون فعلا السبب الذي جعلهم، في الأصل، يسعون إلى الأهداف التي يحاولون الوصول إليها.
وفي أحيان كثيرة جدا، ينصب تركيزنا كله على ما لا نمتلكه حتى إن كنا - في أعمق أعماقنا- غير محتاجين إليه حاجة حقيقية، بل حتى غير راغبين فيه رغبة حقيقية. لعلك تومئ برأسك موافقا عندما أقول لك هذه الأشياء. ولعلك تقول: «إنه محق. لست في حاجة إلى أن أصير مليونيرا». أو «ليست لدي رغبة حقيقية في أن تصير عضلات بطني بارزة».
يظل هذا كله جيدا، ولا مشكلة فيه أبدا إلى أن ترى تلك السيارة الجميلة مرة أخرى فتقول في نفسك: «لماذا لا أمتلك مثلها؟»، أو تنظر إلى غلاف مجلة فتتساءل قائلًا: «لماذا لا يكون مظهري هكذا؟»، أو «لماذا لا تكون ملابسي من هذه الماركات الجميلة؟».
يتطلب التحقق من أننا نسعى إلى ما نريده حقًا مساءلة دائمة لأنفسنا هذا أمر لا يمكن اعتباره محسوما بصورة نهائية.
إذا كانت لديك رغبة حقيقية في هذه الأشياء، فاذهب واحصل عليها! ابدأ اليوم، وضع استراتيجية لنفسك، وتعامل مع واقعك كما هو وأهم من هذا افعل ما هو لازم، وأكثر مما هو لازم إن استطعت.
ولكن، إذا كنت غير مستعد للعمل عشر ساعات إضافية، أو عشرين ساعة إضافية، في الأسبوع لمجرد تحقيق رغبتك في قيادة سيارة bmw بدلا من سيارة هوندا، فعليك أن تكف عن إهدار قسم ثمين من طاقتك العقلية في التوق إلى الحصول على تلك السيارة، كف عن التظاهر أمام نفسك.
تعامل مع عدم استعدادك للقيام بما يتطلبه تحقيق تلك الأشياء، واقبل حقيقة أنك تخدع نفسك. ستجد عند ذلك أنك حرّرت مساحة من عقلك من أجل محبة الحياة التي تعيشها بالفعل، وصار لديك متسع يسمح لك بأن تبدأ السعي إلى الأشياء التي تريدها فعلا في حياتك.
«أنا غير مستعد للتخلي عن مأكولاتي المفضلة كلها لمجرد أن يعود جسدي إلى ما كان عليه عندما كنت في العشرين من عمري. ..أنا غير مستعد للتخلّي عن الوقت الذي أمضيه كما أرغب مقابل زيادة في راتبي الشهري»
واجه واقعك فور اعتيادك ذهنية «أنا غير مستعد»، لن يظل الإحساس بالذنب مسيطرا عليك، ولا الإحساس بالاستياء والأسف كلما رأيت شيئًا تظن أنك تريده.
سوف تكون في مكان يحقق تواصلك مع حياتك الحقيقية وتناغمك معها؛ وإذا أردت حقًّا السعي من أجل تلك الأشياء في المستقبل، فسوف تكون قادرًا على تحديد موقعك الحالي بالنسبة إلى تلك الأشياء بحيث تضع لنفسك خطة طريق من أجل تحقيقها والوصول إليها.
ارسم طريقك
من بين الأمور الجميلة في سياق قيامك بإلقاء نظرة فاحصة حقيقية على حياتك وأهدافك، هو أن قيامك بذلك يرغمك على إعادة تقييم الطريق المؤدي إلى تلك الأهداف.
فهل ممارسة التمرينات الرياضية مدة نصف ساعة كل يوم أمر مستحيل حقًّا مثلما يصوّر لك عقلك ؟ سوف تتعرّق قليلا، بالتأكيد، وسوف تتعب قليلا، نعم، لكنك قادر على تشغيل أغانيك المفضّلة لكي يمر ذلك الوقت مرورًا أسرع. ومع أن البداية قد تكون مؤلمة، فسوف تعتاد الأمر، وسوف يصير جسدك أكثر قوة وستستمتع بذلك وتفخر.
- ما أسوأ ما يمكن أن يحدث إذا أقدمت على طرح فكرتك في ذلك الاجتماع؟
- هل ستلقى فكرتك رفضًا؟ ما أهمية هذا؟
وحتى إذا واجهتك مهمات أو مشكلات أكبر حجما - تصور أنك مطالب بدفع ضرائب متأخرة عن سنوات كثيرة؛ أو تصور أنك مضطر إلى إفراغ كراج السيارة مما تراكم فيه طيلة سنوات كثيرة؛ أو تصور أنك تقول الحقيقة لشخص تكذب عليه منذ زمن بعيد فإن الطريق إلى التغيير يبدأ دائما ببارقة الاستعداد نفسها.
تذكر دائما أننا ميالون كلنا إلى «تكبير» الأمور في أذهاننا حتى تصير أضخم كثيرًا مما هي عليه في حقيقة الأمر. يصير قول الحقيقة شيئًا يشبه التوغل في رحلة شاقة عبر الصحراء. إن كان هذا هو إحساسك، فما عليك إلا أن توزّع المهمة إلى إعلانات استعداد» أصغر حجمًا: أن «أنهض واقفًا»، أو «أخرج من فراشي»، أن «أتفقد بريدي الإلكتروني... إلخ.
وبطبيعة الحال، فإن من الممكن أن تكون في مواجهة شيء أكبر كثيرًا من هذه الأمثلة؛ لكن عليك أن تتأمل هذا الأمر؛ وسوف تجد أن ذلك النموذج نفسه سيكون صالحًا له تمامًا. لنقل إنك تخفي سرا مظلما، أو إن لديك إحساسًا بالعار أو بالذنب، أو بالاستياء من الممكن أن يكون هذا الأمر قادرًا على تغيير حياتك تغييرًا كبيرًا. «هل أنا مستعد لقول الحقيقة للشخص الذي كنت أكذب عليه؟».
عندما تصوغ الأمر بهذا الشكل، فإن تخلصك من هذا الكذب يصير مناسبة للحديث والإصغاء، ثم للتعامل مع عواقب ذلك قد تكون خائفًا من الأمر، لكنك قادر على فعله. هذه ليست مهمة مستحيلة، فالحياة التي ستكون متاحة لك بعدها هي موضع الرهان هنا. عندما تصير شخصا منفتحا يسهل الوصول إليه، وعندما تتحرّر مما يعوقك، ومن الأكاذيب، ومن أشياء تخفيها أو من حقيقة لا تقول إلا نصفها فإنك تصير شخصًا أكثر تعبيرًا عن ذاته الحية. وفي أكثر الأحيان تكون المهمة التي نواجهها فعلًا أبسط كثيرًا مما نظن.
المشكلة هي أننا عادة لا ننفق أي وقت من أجل إلقاء نظرة حقيقية ومتفحصة عليها من المؤكد أن هناك أشياء نواجهها يمكن أن تكون تحدّيًا حقيقيًا لنا إلا أن ما ينتظرنا بعد تجاوز تلك التحديات هو الحياة التي نحلم بها حياة نحن منفتحون عليها ومستعدون لاستقبالها. ليس عليك إلا أن تؤكد لنفسك: «أنا مستعد».
ضع خطة لهدفك
عندما تبدأ النظر إلى العالم من خلال عدسة ما أنت مستعد للسعي إليه وما أنت غير مستعد للسعي إليه، بدلًا من النظر عبر عدسة ما يبدو لك أنك تريده وعدسة ما يبدو أنك لا تريده، تصير الأشياء أكثر وضوحًا لك.
بدلا من أن تهدر وقتك في الجزع والقلق على أشياء يمتلكها أشخاص آخرون، ستبدأ التركيز على ما هو مهم حقًّا بالنسبة إليك وبالنسبة إلى حياتك. عندها، ستدرك على الفور أنك تخلّصت من الحسد والشهوة والرغبة، واستبدلت بها كلّها استعدادك لتغيير حياتك في اتجاه الأفضل؛ وسوف ترى كيف ستبدأ الأمور باتخاذ شكلها الحقيقي.
عندما نفهم ما نحن مستعدون حقًا لفعله، فإننا نستعيد سيطرتنا على الأفكار والمشاعر التي في لا وعينا، تلك الأفكار والمشاعر التي كان سلوكنا يوجهها بعيدا عن المكان الذي نحن راغبون حقا في الذهاب إليه. ستكون لديك القدرة على تقرير حقيقتك، ليس انطلاقا من خلل كامن في اللاوعي يظهر من حين لآخر، بل انطلاقا من ذاتك الواعية العارفة ومن القدرة على التصرف والتدخل في مجرى الأمور من أجل نفسك.
إن الاستعداد حقيقة صادقة؛ وهو جمال ما من أحد غيرك قادر على توليده لن تعود لأفكار من قبيل «أنا فاشل لأنني لست مليونيرا»، أو «أنا كسول لأنني لم أخفّف وزني»، تلك القدرة على جعلك تشعر بأنك شخص لا قيمة له، وذلك لأنك ستكون قد امتلكت خياراتك. فعندما تتوصل إلى صوغ العقبات القائمة في حياتك انطلاقًا .
عبارتي «أنا مستعد» و«أنا غير مستعد»، بدلًا من إثقال نفسك بآراء سلبية عن ذاتك وعن ظروفك، فإنك تصير قادرًا على تحطيم العوائق التي وضعتها لنفسك تلك العوائق التي تعرقل تقدمك عرقلة حقيقية. سوف تصير قادرًا على إبصار طريقك عبر ذلك الضباب الناتج عن دراما حديثك مع ذاتك.
لا أهمية لأي شيء آخر عندما تدرك ما يلزم فعله لن تؤجّل الأشياء التي أنت مستعد لفعلها استعدادًا حقيقياً ولن تهمل المسؤوليات التي تتولاها لأنه سيكون لديك شعور حقيقي بأنك مستعد للاضطلاع بها.
الاستعداد النفسي.
الاستعداد النفسي، هو التأهب والتهيؤ لكل ما هو جديد، وأت تكون جاهزا بكل قوة لما ستواجهه، وهو نبع للفرص والإمكانيات لا يمكن أن ينضب... هو حالة يظهر لك فيها مستقبل جديد تصير قادرًا على البدء بتحقيقه.
اسأل نفسك: «هل أنا مستعد؟»، ثم كرر السؤال، ثم كرره إلى أن يصير أول ما تسمعه عند استيقاظك في الصباح وآخر ما تسمعه قبل نومك، وبحيث تصير قادرًا على سماعه أثناء قيادة السيارة، وأثناء الاستحمام... «هل أنا مستعد؟».
اسأل. اسأل. اسأل إلى أن تسمع كلمة «أجل» مدوّية يتردد صداها في أرجاء وعيك كلها. أنا مستعد!
أسألك مرة أخرى، هل أنت مستعد ؟
الصدر: كتاب حرر نفسك للمؤلف غاري بيشوب.