رسالة فيرجينيا وولف قبل انتحارها بسبب الاكتئاب |
ستجد في هذا المقال رسالة فيرجينيا وولف الى زوجها قبل انتحارها بلحظات، ومن هي فيرجينيا وولف؟ ونبدة عن حياتها، وكذلك أسباب معاناتها من الاكتئاب، وأهم أعمالها الأدبية والفنية. وكذلك ما قالته فرجينيا وولف في رسالة انتحارها.
من هي فيرجينيا وولف؟
فيرجينيا وولف (بالإنجليزية: Virginia Woolf) هي كاتبة إنجليزية، تعتبر من أيقونات الأدب الحديث للقرن العشرين، ومن أوائل من استخدم تيار الوعي كطريقة للسرد.
ولدت فيرجينيا وولف باسم «أدالاين فيرجينيا ستيفان» في عائلة غنية جنوب كنزنغتون، لندن. في يوم الخامس والعشرين من يناير عام 1882 وذلك في المنزل رقم 22 في شارع «بوابة الهايد بارك» جنوب كنزنغتون، لندن.
وأمها هي جوليا ستيفن (كُنيتها: جاكسون) (1846–1895) ، والدها وليسلي ستيفن (1832–1904)، الذي كان كاتباً ومؤرخاً وصاحب مقالات ومتسلق جبال.
وكانت فيرجينيا وولف الطفلة السابعة ضمن عائلة مدمجة من أصل ثمانية أطفال. وتزوجت فيرجينيا وولف في عام 1912 من ليونارد وولف، الناقد والكاتب الاقتصادي.
كانت الدتها جوليا ستيفن، تعمل كعارضة للحركة الفنية المعروفة باسم ما قبل الرفائيلية، وكان لها ثلاثة أطفال من زواجها الأول.
أما والد فيرجينيا ليسلي ستيفن، كان رجلاً نبيلاً يجيد القراءة والكتابة، ولديه ابنة واحدة من زواج سابق، أما زواج جوليا بليزلي فنتج عنه أربعة أطفال، وأشهرهم الرسامة فانيسا ستيفن(لاحقاً فانيسا بيل).
بعد أن أنهت روايتها (بين الأعمال) والتي نشرت بعد وفاتها، أصيبت فيرجينيا بحالة اكتئاب مشابهة للحالة التي أصابتها مسبقا، وزادت حالتها سوءا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، وتدمير منزلها في لندن، والإستقبال البارد الذي حظيت به السيرة الذاتية التي كتبتها لصديقها الراحل روجر فراي حتى أصبحت عاجزة عن الكتابة.
وفي 28 مارس 1941 ارتدت فيرجينيا معطفها وملأت جيوبه بالحجارة وأغرقت نفسها في نهر أوس القريب من منزلها، ووجدت جثتها في 18 أبريل 1941 ودفن زوجها رفاتها تحت علم في حديقة مونكس هاوس في رودميل ساسيكس.
رسالة فيرجينيا وولف قبل انتحارها
فـي رسالتها الأخيـرة لزوجها كتبت فيرجينيا وولف قبل انتحارها:
"عزيزي، لدى يقين أنني أقترب من الجنون ثانية. وأشعر أننا لن نستطيع الصمود أمام تلك الأوقات الرهيبة مجددا. فلن أشفى هذه المرة. بدأت أسمع الأصوات ولم يعد في وسعى التركيز. لهذا سأفعل الشيء الذي أظنه الأفضل. لقد وهبتني أعظم سعادة ممكنة.كنت دائما لي كل ما يمكن أن يكونه المرء. لا أظن أن ثمة زوجـين حـصلا ما حصلناه من سعادة، إلى أن ظهر هذا المرض اللعــين. لقد كافحت طويلا ولم يعد لدى مزيد من المقاومة. أعرف أنني أفسدت حياتك، لكنك في غيابي سيمكنك العمل.أعلم أنني أفسد حياتك وبدوني ستحظى بحياة أفضل. أنا متأكدة من ذلك. أترى؟ لا أستطيع حتى أن أكتب هذه الرسالة بشكل جيد، لا أستطيع أن أقرأ، ما أود أن أقول هو أنني أدين لك بكل سعادة مرت في حياتي. لقد كنت صبورا إلى أقصى حد، وطيبا على نحو لا يصدق.أود أن أقول هذا – كل الناس يعلمون ذلك. إذا كان ثمة من أنقذني فقد كان أنت. كل شيء ضاع مني إلا يقيني بطيبتك، فقدتُ كل شيء عدا يقيني بانك إنسان جيد، لا أستطيع أن أستمر في إفساد حياتك أكثر."بعدما أنهت تلك الرسالة، غادرت منزلها الريفي في رودميل في الساعة الحادية عشرة صباحاً، ومعها عصا التجوال، عبرت المرج الذي يفصل بينها وبين النهر، ثم أثقلت جيوب معطفها بالأحجار. وألقت نفسها بالنهر !"
سبب معاناة فيرجينيا وولف من الاكتئاب
سبب معاناة فيرجينيا وولف من الاكتئاب |
كانت طفولة فيرجينيا وولف مضطربة كونها تعرضت للتحرش من قبل أخويها الغير شقيقين، وأصبحت الأمور أكثر سوءًا عام 1895 بوفاة والدتها وتعرضت حينها لأول انهيار عصبي. وبعد ذلك بعامين توفيت أختها غير الشقيقة ستيلا دكوورث والتي كانت بمثابة الأم لفرجينيا.
ومن الأمور الأخرى التي أثرت فيهن بشكل كبير إخوتهن الذين تعلموا في جامعة كامبريدج ووجود مكتبة أبيهن الضخمة والتي كان لهن كامل الحق في دخولها واستخدامها بلا قيود.
كان والد فيرجينيا وولف يشجعها لكي تصبح كاتبة وقد بدأت الكتابة بشكل احترافي عام 1900. شكلت وفاة والدهن عام 1905 نقطة تحول مهمة في حياة الأخوات ستيفن وسبب في حدوث انهيار عصبي آخر لفيرجينيا، وتبعاً لذلك قررت الأخوات الانتقال من كنزنغتون إلى أسلوب حياة أكثر بوهيمية وذلك في بلومزبري، حيث تبنوا أسلوب حياة أكثر حرية.
ومن هناك، وبالتعاون مع أصدقاء إخوتهن المثقفين تم تكوين مجموعة بلومزبري الفنية والأدبية. عندما تزوجت فانيسا عام 1907 أصبحت فيرجينيا وولف أكثر استقلاليه وتزوجت من ليونارد وولف عام 1912.
ثم أسست فيرجينيا وولف مع زوجها دار نشر هوجارث عام 1917، والتي قامت بنشر معظم أعمالها، وبحلول عام 1910 بدأت وولف تشعر بالحاجة للعزلة بعيداً عن لندن، واتخذت مسكناً في مقاطعة ساسكس والذي أصبح فيما بعد مسكنهما الدائم، حيث أن منزلهما الكائن بلندن تعرض للتدمير أثناء الحرب عام 1940.
طوال حياتها تعرضت فيرجينيا وولف للكثير من نوبات الانهيار العصبي، مما أدى لإدخالها مصح عقلي بسبب محاولتها الانتحار، وتم تشخيص حالتها بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب، وهو نوع من الاكتئاب الذي لم يعرف له أي علاج ناجح في تلك الفترة، كما عبّر عن ذلك فرجينيا وولف رسالة انتحارها.
وفي أخر المطاف قامت وولف بالانتحار بإغراق نفسها في نهر اوس Ouse لتفارق الحياة عن عمر 59 عاما وذلك يوم 28 مارس 1941.
فرجينيا وولف اقتباسات
- "المرء لا يوقظ الناس إلا إذا عرف ما يريد أن يقوله لهم" - فيرجينيا وولف
- "يمكن لغبار الجدال أن يخفي الحقيقية أحيانا بعض الوقت لكن لا يمكن أن يخفيها الى الأبد"- فيرجينيا وولف
- "بدون الثقة بالنفس نكون مثل الأطفال في المهد"- فيرجينيا وولف
- "لا يمكن للمرء أن يفكر جيدًا، ويحب جيدًا، وينام جيدًا، إذا لم يأكل جيدًا" - فيرجينيا وولف
اعمال فيرجينيا وولف الأدبية
تُعتبر فيرجينيا وولف واحدة من أهم روائيي القرن العشرين في أوربا. وخلال فترة ما بين الحربين العالميتين كانت فيرجينيا وولف جزءا هاماً من المجتمع الأدبي والفني في لندن. في عام 1915، نشرت أول رواية لها والتي كانت بعنوان رحلة الخروج The Voyage Out، عبر دار النشر جيرالد دكوورث وشركاؤه التي يملكها إخوتها غير الأشقاء.
ثم أصدرت رواية الليل والنهار سنة 1919، ومن أشهر أعمال فيرجينيا وولف الروائية نجد رواية السيدة دالواي (1925)، و رواية إلى المنارة و رواية أورلاندو(1928)، و رواية الأمواج (1931).
ولها روايات أخرى ذات طابع تعبيري، منها رواية «أورلاندو» 1928 و«الأعوام» 1937، و«بين الفصول» 1941. وقد تم تحويل بعض رواياتها الى أفلام سينمائية.
كما نُشرت لها بعد وفاتها مجموعة قصص قصيرة بعنوان بيت تسكنه الاشباح سنة 1944، تضم سلسلة من ثماني عشرة قصة قصيرة.
كما اشتهرت فيرجينيا وولف أيضا في مجال كتابة المقالات؛ مثل مقال بعنوان: "غرفة تخص المرء وحده" (1929)، والتي ورد فيها الاقتباس الأشهر لفيرجينيا:
«إن النساء لكي يكتبن بحاجة إلى دخل ماديّ خاص بهن، وإلى غرفة مستقلّة ينعزلن فيها للكتابة.»
كما اشتغلت فيرجينيا وول بالنقد الأدبي، ومن كتبها النقدية «القارئ العادي» 1925، و«موت الفراشة ومقالات أخرى» 1943. كتبت ترجمة لحياة «روجر فراي» 1940، وكتبت القصة القصيرة، وظهرت لها مجموعة قصصية بعنوان الاثنين أو الثلاثاء 1921.
وفي سبعينيات القرن الماضي، أصبحت فيرجينيا وولف أحد أهم الركائز التي استندت عليها حركة النقد الأدبي النسوي، وأصبحت أعمالها مشهورة على نطاق واسع وكثر الحديث عنها كونها ألهمت الحركات النسوية، وهذا مجال جديد لم تخضه وولف من قبل.
أعمال فيرجينيا وولف يتم قراءتها في كل أرجاء العالم، حيث تمت ترجمة أعمالها إلى ما يزيد عن خمسين لغة.
وتم تأليف الكثير من الكتب عن حياتها وأعمالها، وتم تأليف العديد من المسرحيات والروايات والأفلام عن شخصيتها. كما وُصِفت بعض أعمالها بالمسيئة حيث تعرضت للنقد كون بعض أراءها معقدة ومثيرة للجدل في مجال معاداة السامية والنخبوية.
ومن الأمور التي أثرت في حياة فيرجينيا وولف بشكل كبير، كان المنزل الصيفي الذي استخدمته العائلة في سانت ايفيس كورنوال، حيث رأت لأول مرة منارة Godrevy والتي أصبحت فيما بعد أهم رموز روايتها إلى المنارة (1927).
الاحتفاء بفيرجينيا وولف
فيرجينيا وولف على غلاف مجلة التايم |
يتم الاحتفاء اليوم بفيرجينيا وولف في التظاهرات الثقافية في أوربا وبريطانيا عبر عرض تماثيل تجسدها، ومجتمعات تقوم على شرفها ومبنى مخصص لها في جامعة لندن.
كما يوجد تمثال لفيرجينيا وولف في قرية رودمل، وآخر في ميدان تافيستوك في لندن، وهي الأماكن التي أقامت فيها وولف في الفترة ما بين 1924 إلى 1939.
وفي عام 2013، كرمت فيرجينيا وولف من قبل كلية كنزنغتون في لندن بافتتاح مبنى باسمها في شارع كينقز واي، مع لوحة تعريفية عن الوقت والمواد التي درستها وولف في هذه الجامعة، وأهم إنجازاتها واهتماماتها.